|
|
| ثمار حب العبد لربه | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Admin Admin
عدد المساهمات : 130 تاريخ التسجيل : 13/06/2013
| موضوع: ثمار حب العبد لربه الثلاثاء يونيو 18, 2013 4:19 am | |
|
كلما تعرف العبد على مظاهر حب ربه له، وسيطرت هذه المعرفة على مشاعره انعكس ذلك على علاقته به سبحانه فيزداد له حبًا وشوقًا. وعندما يملأ هذا الحب القلب ستكون له بلا شك ثمار عظيمة تظهر في سلوك العبد وأعماله، هذه الثمار من الصعب الحصول عليها من أي شجرة أخرى غير شجرة الحب، فالحب يُخرج من القلب معانٍ للعبودية لا يخرجها غيره. يقول ابن تيمية: فمن لا يحب الشيء لا يمكن أن يحب التقرب إليه، إذ التقرب إليه وسيلة، ومحبة الوسيلة تبع لمحبة المقصود( ). وإذا كانت المحبة أصل كل عمل ديني، فالخوف والرجاء وغيرهما يستلزم المحبة ويرجع إليها، فإن الراجي الطامع إنما يطمع فيما يحبه لا فيما يبغضه، والخائف يفر من المخوف لينال المحبة أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ [الإسراء: 57] ( ). ولهذا اتفقت الأُمتان من قبلنا على ما عندهم من مأثور وحكم عن موسى وعيسى أن أعظم الوصايا: أن تحب الله بقلبك وعقلك وقصدك، وهذه هي حقيقة الحنيفية ملة إبراهيم التي هي أصل شريعة التوراة والإنجيل والقرآن( ). لذلك أدعو نفسي، وأدعوك أخي القارئ إلى الاهتمام بغرس بذور محبة الله في القلب، وتعهدها بالأعمال الصالحة حتى يصير الله عز وجل أحب إلينا من كل شيء وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ [البقرة: 165]. عند ذلك سنجد الثمار الحلوة أمامنا دون عناء أو مشقة.
ومن هذه الثمار المتوقعة:
أولاً: الرضا بالقضاء كان عامر بن عبد قيس يقول: أحببت الله حبًا سهل عليَّ كل مصيبة، ورضاني بكل قضية، فما أبالي مع حبي إياه ما أصبحت عليه وما أمسيت( ). نعم، أخي فإننا إن أحببنا الله حبًا صادقًا أحببنا كل ما يرد علينا منه سبحانه.
ثانيًا: التلذذ بالعبادة وسرعة المبادرة إليها كلما ازداد حب العبد لربه ازدادت مبادرته لطاعته واستمتاعه بذكره، وكان هذا الحب سببًا في استخراج معاني الأنس والشوق إلى محبوبه الأعظم، والتعبير عنها من خلال ذكره ومناجاته. هذه المعاني ما كانت لتخرج إلا إذا فُتح لها باب الحب، فالمحب يقبل على محبوبه بسعادة، ويطيع أوامره برضى، لا تحركه لتلك الطاعة سياط الخوف من عقوبة عدم أدائه للعمل، بل يحركه ما حرك موسى عليه السلام عندما قال لربه وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى [طه: 84] وكذلك ما جعل رسولنا صلى الله عليه وسلم يقول لبلال: «أرحنا بها يا بلال». إن هناك بالفعل سعادة حقيقية ومتعة وشعور باللذة والنعيم يجدها المحب في مناجاته وذكره وخلوته بربه، وهذا ما يُطلق عليه: «جنة الدنيا», هذه الجنة من الصعب علينا أن ندخلها من غير باب المحبة. قال أحد الصالحين: مساكين أهل الدنيا، خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله تعالى ومعرفته وذكره.
ثالثًا: الشوق إلى الله عندما يتمكن حب الله من قلب العبد، فإن هذا من شانه أن يجعله دومًا حريصًا على اغتنام أية فرصة تتاح له فيها الخلوة به سبحانه وبذكره ومناجاته، وجمع قلبه معه، وشيئًا فشيئًا تستثار كوامن الشوق إليه سبحانه، وتستبد بالقلب، وتلح عليه في طلب رؤيته، ليأتي العِلم فيخبره بأنه لا رؤية ولا لقاء لله في الحياة الدنيا، بل بعد الموت، فيزداد الشوق إلى هذا اللقاء ففي دعائه صلى الله عليه وسلم «اللهم إني أسألك الرضى بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، ولذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة»
رابعًا: التضحية من أجله والجهاد في سبيله المحبة الصادقة لله عز وجل تدفع صاحبها لبذل كل ما يملكه من أجل نيل رضا محبوبه، وليس ذلك فحسب بل إنه يفعل ذلك بسعادة، وكل ما يتمناه أن تحوز هذه التضحية على رضاه. تأمل معي ما حدث من عبد الله بن جحش ليلة غزوة أحد عندما قال لسعد بن أبي وقاص: ألا تأتي ندعو الله تعالى، فَخَلَوا في ناحية، فدعا سعد، فقال: يا رب إذا لقينا العدو غدًا فَلَقِّني رجلاً شديدًا بأسه، شديدًا حرده، أقاتله ويقاتلني، ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله فآخذ سلبه فأمَّن عبد الله، ثم قال: اللهم ارزقني غدًا رجلاً شديدًا بأسه، شديدًا حرده، أقاتله ويقاتلني، ثم يأخذني، فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك غدًا قلت لي: يا عبد الله فيم جُدع أنفك وأذنك؟ فأقول: فيك وفي رسولك، فتقول: صدقت. قال سعد: كانت دعوته خيرًا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وإن أنفه وأذنه لمعلق في خيط( ).
خامسًا: الرجاء والطمع فيما عند الله فكلما اشتد الحب اشتد الرجاء في الله وحسن الظن فيه ألا يلقي حبيبه في النار، فالمحب لا يعذب حبيبه كما جاء الرد الإلهي على اليهود عندما قالوا: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم [المائدة: 18]. وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: «والله، لا يلقي الله حبيبه في النار» ( ).
سادسًا: الحياء من الله فالمحب الصادق في حبه لله عز وجل يستحي أن يراه حبيبه في وضع مشين، أو مكان لا يحب أن يراه فيه، فإذا ما وقع في معصية أو تقصير سارع بالاعتذار إليه واسترضائه بشتى الطرق. بل إن أي بلاء يتعرض إليه يجعله قلقًا بأن يكون هذا البلاء مظهر من مظاهر لوم الله له وغضبه عليه، لذلك تجده حينئذٍ يهرع إلى مولاه يسترضيه ويتذلل إليه ويستغفره، ويطلب منه العفو والصفح. ويتجلى هذا الأمر جيدًا في دعاء رسولنا صلى الله عليه وسلم بعد أحداث الطائف وما تعرض فيها من استهزاء وتضيق وإيذاء، فكان مما قاله لربه «...إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، لكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة: أن ينزل بي غضبك أو يحل علىّ سخطك، لك العتبي( ) حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك».
سابعًا: الشفقة على الخلق من الثمار العظيمة للحب الصادق تلك الشفقة التي يجدها المحب في قلبه تجاه الناس جميعًا بخاصة العصاة منهم، وكيف لا وقد علم أنه ما من أحد من البشر إلا وفيه نفخة علوية كرَّمه الله بها على سائر خلقه، وأن الذي يرضيه – سبحانه – هو عودة الجميع إليه ودخولهم الجنة، لذلك تجد هذا المحب شفيقًا على الخلق، حريصًا على دعوتهم لسان حاله يقول: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأعراف: 59]
ثامنًا: الغيرة لله عندما يستبد حب الله في قلب العبد فإن هذا من شأنه أن يجعله يغار لمولاه، وعلى محارمه أن تنتهك، وحدوده أن تُتجاوز، وأوامره أن تخالف. فمع شفقته على العصاة، إلاّ أن هذا لا يمنعه من بغضه لتصرفاتهم التي تغضب ربه، ولو كانت من أقرب الناس إليه قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ [الممتحنة: 4]
تاسعًا: الغنى بالله ومع كل الثمار السابقة تأتي أهم ثمرة للمحبة ألا وهي الاستغناء بالله سبحانه وتعالى، والاكتفاء به وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه: 73]. فينعكس ذلك على تعاملات العبد مع الأحداث التي تمر به، فإن ادلهمت الخطوب استشعر معية الله له لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا[التوبة: 40]، وإن تشابكت أمامه الأمور تذكر فردد فى نفسه إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 62 قد أوجب الله لأهل محبته الصنع والتوفيق في جميع أحوالهم، فأورثهم الغنى، وسدّ عنهم طلب الحاجات إلى الخلق، تأتيهم ألطاف من الله من حيث لا يحتسبون، وقام لهم بما يكتفون، ونزَّه أنفسهم عما سوى ذلك، إكرامًا لهم عن فضول الدنيا، وطهارة لقلوبهم من كل دنس، وأمشاهم في طرقات الدنيا طيبين، وقد رفع أبصار قلوبهم إليه، فهم ينظرون إليه بتلك القلوب غير محجوبة عنه( ). | |
| | | imad max
عدد المساهمات : 20 تاريخ التسجيل : 01/07/2013
| موضوع: رد: ثمار حب العبد لربه الإثنين يوليو 01, 2013 6:55 pm | |
| بارك الله فيك على هدا الموضوع الرائع
والمجهود الجبار شكرا ليك
تحياتي | |
| | | Admin Admin
عدد المساهمات : 130 تاريخ التسجيل : 13/06/2013
| موضوع: رد: ثمار حب العبد لربه الإثنين يوليو 01, 2013 9:07 pm | |
| منوور الموضوع شكرا ل الرد | |
| | | | ثمار حب العبد لربه | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|